/ الفَائِدَةُ : (171) /
13/09/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / طبقات تحمُّل علوم ومعارف أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ / يَجْدُرُ الْاِلْتِفَات : أَنَّ ما أُعطي من علوم ومعارف إِلٰهيَّة لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ على مراتب وطبقات غير متناهية ؛ فبعضها لا يحتملها إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللّٰـه في قلبه الإِيمان . فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « إِنَّ أَمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إِلَّا من كتب اللَّـه في قلبه الإِيمان » (1). وبعضها الآخر لا يحتملها إِلَّا نبيٌّ مرسلٌ ، أَو ملكٌ مُقَرَّب ، أَو مؤمنٌ مُـمتحنٌ . فلاحظ : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن جابر بن يزيد ، قال : « قال أبو جعفر عليه السلام يا جابر ، حديثنا صعب مستصعب أمرد ذكوان وعر أجرد لا يحتمله والله إلا نبي مرسل ، أو ملك مُقَرَّب، أو مؤمن ممتحن ، فإذا ورد عليك يا جابر شئ من أمرنا فلان له قلبك فاحمد الله ، وإن أنكرته فرده إلينا أَهْل الْبَيْتِ ، ولا تقل : كيف جاء هذا ؟ وكيف كان وكيف هو ؟ فإن هذا والله الشرك بالله العظيم »(2). وبعضها الثالث لا يحتملها لا نبيّ مرسل ـ كـ : النَّبيِّ إِبراهيم عَلَيْهِ السَّلاَمُ ـ ولا مَلَك مُقَرَّب ـ كـ : جبرئيل عَلَيْهِ السَّلاَمُ ـ ولا مؤمن ممتحن ـ كـ : سلمان رضوان اللَّـه عليه ـ إِلَّا مَنْ شاؤوا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . فانظر : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن أَبي الصَّامت ، قال : « إِنَّ حديثنا صعب مستصعب ، شريف كريم ، ذكوان ذكيٌّ وعر ، لا يحتمله مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، ولا نبيٌّ مرسَلٌ ، ولا مؤمن مُـمْتَحن . قلتُ : فَمَنْ يحتملهُ جعلتُ فداك ؟ قال : مَنْ شئنا يا أَبا الصامت . قال أبو الصَّامت : فظننتُ أَن للَّـه عباداً هُم أفضل من هؤلاء الثلاثة »(3). وبعضها الرَّابع لا يحتملها إِلَّا هم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) . فلاحظ : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه ، عن أَبي الصَّامت ، قال : « سمعتُ أَبا عبداللَّـه عَلَيْهِ السَّلاَمُ يقول : إِنَّ من حديثنا مالا يحتمله مَلَك مُقَرَّب ، ولا نبيٌّ مُرسَل ، ولا عبد مؤمن . قلتُ : فَمَنْ يحتمله ؟ قال : نحن نحتمله »(4). وإِلى كُلِّ هذا أَشارت بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : « ... إنَّ عندنا سرّاً مِنْ سرِّ اللَّـه ، وعلماً من علم اللَّـه لا يحتمله مَلَك مُقَرَّب ، ولا نبيّ مُرسَل ، ولا مؤمن أَمتحن اللَّـه قلبه للإِيمان ، واللَّـه ما كلَّف اللَّـه أَحَداً ذلك الحمل غيرنا ، ولا استعبد بذلك أَحداً غيرنا ، وإِنَّ عندنا سرّاً من سرِّ اللَّـه ، وعلماً من علم اللَّـه أَمرنا اللَّـه بتبليغه ، فبلَّغنا عن اللَّـه (عَزَّ وَجَلَّ) ما أَمرنا بتبليغه ، ما نجد له موضعاً ، ولا أَهلاً ولا حمَّالة يحملونه حتَّىٰ خلق اللَّـه لذلك أَقواماً ؛ خُلقوا من طينةٍ خُلق منها مُـحمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وذرِّيَّته ، ومن نور خلق اللَّـه منه مُـحمَّداً وَذُرِّيَّته ، وصنعهم بفضل صنع رحمته الَّتي صنع منها مُـحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ؛ فبَّلغناهم عن اللَّـه (عَزَّ وَجَلَّ) ما أَمرنا بتبليغه ، فقبلوه واحتملوا ذلك ، وبلغهم ذاك عنَّا فقبلوه واحتملوه ، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إِلى معرفتنا وحديثنا ، فلولا أَنَّهم خُلقوا من هذا لَـمَا كانوا كذلك ، ولا واللَّـه ما احتملوه . ثُمَّ قال : إِنَّ اللَّـه خلق قوماً لجهنَّم والنَّار ؛ فأَمرنا أَنْ نُبَلِّغهم كما بلَّغناهم فاشمأزوا من ذلك ، ونفرت قلوبهم وردوه علينا ، ولم يحتملوه ، وكذبوا به ... فطبع اللَّـه على قلوبهم وأَنساهم ذلك ، ثُمَّ أَطلق اللَّـه لسانهم ببعض الحقِّ ، فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة ؛ ليكون ذلك دفعاً عن أَوليائه وأَهل طاعته ، ولولا ذلك ما عُبد اللَّـه في أَرضه ، فأمرنا بالكفِّ عنهم ، والكتمان منهم ، فاكتموا مِـمَّن أَمر اللَّـه بالكفِّ عنهم ، واستروا عمَّن أَمر اللَّـه بالستر والكتمان منهم ، قال : ثُمَّ رفع يده وبكىٰ وقال : اللَّهُمَّ ، إِنَّ هؤلاء لشرذمةٍ قليلون فاجعل محياهم محيانا ، ومماتهم مماتنا ، ولا تُسَلِّط عليهم عدواً لك فتفجعنا بهم ؛ فإِنَّكَ إِن فجعتنا بهم لم تُعبد أَبداً في أَرضك »(5). وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 2: 195/ح41. (2) المصدر نفسه : 208 /ح102 . (3) المصدر نفسه : 192/ح34. (4) المصدر نفسه : 193/ح36. (5) المصدر نفسه ، 25 : 385 ـ 386/ح44. المحتضر: 154 ـ 155